مازا تعرف عن النوبة

esra كتب:الحالى بالقرب من خزان اسوان ، ولكن عندما قرر الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر بناء السد العالى لمنع الفيضانات التى كانت تغرق مصر ، تم تهجير جميع أهل النوبة، ولكن للأسف التهجير على حد قول النوبيين لم يكن انسانياً وكان اجبارياً وبالقوة.



ولكن ماذا تعرف عن النوبة ؟.. إن الذى يسمع حكايات أهل النوبة مختلف تماماً عن الذى يذهب اليهم، وأنا قررت أن أذهب اليهم لأتعرف عليهم وعلى قضيتهم عن قرب.. وفي الموضوع القادم ستكون أنت معي.. أهلاً بك في بلاد الذهب.


يتحدث أهل النوبة اللغة النوبية وتنقسم اللغة النوبية إلى لهجتنين اللهجة الكنزية واللهجة الفادجيكية ، وكانت أول محاولة فعلية لإحتلال النوبة فى عهد الأسرة المصرية الثانية عشرة ، عندما غزا المصريون النوبة حتى منطقة "سمنة" الذين بنوا فيها العديد من القلاع والحصون لتأمين حدودهم الجنوبية ،وفى هذه الفترة خضعت النوبة للنفوذ المصرى لما يقرب من 250 عاماً وبالرغم من أن النبو كانت محتلة إلا أنها تمكنت من الاحتفاظ بهويتها التاريخية والثقافية.



منذ الهجرة وحتى الآن ومازال النوبيين يطالبون بحقهم فى الحياة ، يطالبون بتعويضات مناسبة ، يطالبون بالعودة إلى أرض الاجداد ، أرض الزراعة والصيد ، ارض الخيرات ، مر عليهم رؤساء كثيرون بداية من جمال عبد الناصر وحتى الرئيس المصرى الحالى حسنى مبارك ، ولكن بدون أمل .
ذهبنا الى النوبة لنعرف لماذا يشتكى النوبيين دائماَ من الاضطهاد والتهميش وهل فعلا يتعرضون لذلك ؟ وكانت رحلتنا الأولى فى قرية غرب اسوان والتى تقع على الضفاف الغربية لمحافظة أسوان ، ولكى تذهب الى هذ القرية لابد لك أن تمر على المعدية التى توصلك الى البر الغربى وما أخطرها.
فى قرية غرب أسوان يسكن مجموعة من النوبيين الذين يتحدثون باللهجة الكنزية ،وأهم ما يميز القرية هى البيوت النوبية القديمة التى مازالت تحتفظ بالهندسة النوبية القديمة ، و التى من الصعب ان تجدها فى أى مكان آخر يسكن فيه النوبيين .


وتتميز البيوت النوبية الموجودة فى قرية غرب أسوان بأنها واسعة المساحة ، ومبنية من الطوب اللبن، كما تتكون البيوت من قبب فى السقف ، تجعل البيت تكييف طبيعى فى الصيف كما أنها تمتص البرودة فى فصل الشتاء ، كما أن له العديد من الأبواب منها باب يسمى باب السر وهو يقع بجوار مطبخ المنزل مخصص للنساء فقط.



ولكى نعرف طبيعة النوبيين فى قرية غرب أسوان كان لابد لنا أن نقابل العديد من الأشخاص وكانت البداية مع الحاج جلال ( 62 عاماً ) الذى قال أن قرية غرب اسوان هى قرية نوبية صغيرة ، وكانت موجودة خلف خزان أسوان ، وعندما تم بناء السد قامت الحكومة المصرية بتهجير النوبيين الموجودين فى القرية على أربع مراحل ، حيث كانت المرحلة الأولى سنة 1902 ، ثم عام 1912 ، ثم عام 1933 ، والهجرة الاخيرة كانت عند بناء السد العالى.



وأشار الحاج جلال أنهم لم يستفيدوا من الهجرة ، لأنهم موجودين منذ أكثر من 100 عام ، والحكومة تطالبنا الآن بأن نشترى الأرض التى نسكن عليها ،مؤكداً أن الحكومة تريد أن تفرض لنا سعراً لمتر الأرض .
وتساءل الحاج جلال كيف يفرضوا علينا مبالغ ليست من حقهم ؟! ، وأضاف بقوله " المفروض انهم لا يسألونا عن أى فلوس ، ويعتبروا المعاناة التى عانيناها من التهجير هى ثمن هذه الأرض التى بنينا عليها بيوتنا بسواعدنا ،فنحن عانينا من أجل قضية أمن قومى ، وتم تهجيرنا ورضينا بالامر الواقع فى النهاية من أجل السد العالى ومن أجل مصر ".


أما الحاج حمدى ( 65 عاماً ) فأشار إلى أن القرية لم تكن بهذا الشكل عندما استلمناه من الحكومة موضحاً أن الوضع فى القرية كان يشبه الوضع فى الصومال الآن ، حيث كانت القرية مليئة بالعقارب والثعابين و السلعوة والفهد والدب .

وأكد الحاج حمدى أنهم أصبحوا الآن مطمع للمستثمرين ، لأنهم بعد أن قاموا ببناء القرية بعد ان وجدوها صحراء جرداء ، يريد المستثمرون أن يضعوا أيديهم على القرية ، وأن يطردوهم من أجل الخدمات السياحية .
وأثناء قيامنا بالتحقيق فى المشكلة انقطع النور واستمر لمدة ثلاث ساعات ، إلا أننا استكملنا الملف على أضواء الشموع ، وكنا شاهدين عيان على نقص الخدمات فى هذه القرية .


وتابع الحاج حمدى حديثه فى الظلام وقال " الكهرباء كما ترى انقطعت بالرغم من أننا نمتلك خزان أسوان 1 ، وخزان أسوان 2 بالاضافة للسد العالى " مؤكداً أن سكان القرية يدفعون فاتورة كهرباء أعلى بكثير من أى محافظة آخرى .
وطالب الحاج حمدى بتمليك الأراضى للنوبيين لأنهم على حد قوله " قاعدين على الهواء " ، وأضاف بقوله " المستثمرين يريدون تحويل القرية الى ملاعب جولف ، عايزين يحرموننا من النيل ، ولكننا متمسكين بالنيل وبالأرض ، فكيف يبعدوننا عن النيل الذى هو حياتنا ،، الذى تربينا على شواطئه ".
أما الاستاذ عبد الناصر – عضو مجلس محلى محافظة أسوان – فقد طالب بتمليك البيوت الذين يعييشون فيها مؤكداً أنهم لا يردون تعويضات بقدر ما يريدون بيوتهم فى أرض الأجداد أو فى النوبة القديمة .



وفى تصريحات خاصة أشار عبد الناصر أن هناك بعض الحركات النوبية المسلحة التى ظهرت شمال السودان ، والتى هى على اتصال دائم بالنوبيين الموجودين فى أسوان ، وتطالبهم مراراً وتكراراً بحمل السلاح للحصول على حقوقهم المسلبوة وللدفاع عن أنفسهم.
وأوضح عبد الناصر أن النوبيين الموجودين فى أسوان مسالمين ، ولا يريدون حمل السلاح لحل أزماتهم .
" حكم ذاتى للنوبة " هذا ما طالب به مجدى عبد الفتاح ( 42 سنة ) وعضو المجلس المحلى بمحافظة أسوان ، مطالباً الحكومة المصرية بأن تعطي النوبيين أبسط الحقوق .



وأضاف بقوله " نحن كنوبيين أقدم من الحكومة المصرية ؟ متسائلاً من هى الحكومة المصرية التى تقرر ما هو حقنا وما هو ليس من حقنا !.
وأوضح إلى أن الرئيس المصرى حسنى مبارك وعد فى زيارته الأخيرة للنوبة بإعطاء 200 فدان للنوبيين ، متسائلاً هل يعطى مبارك للمستثمر 80000 فدان ويعطى لنا نحن النوبيين 200 فدان بعد المعاناة التى مررنا بها بداية من التهجير القصرى وحتى نقص الخدمات الذى نعانى منه ؟.
وأضاف أن القضية النوبية لا تقل أهمية عن القضية الفلسطينية مؤكداً أنه لو لم يقوم الرئيس المصرى بحل القضية النوبية ، سوف نذهب إلى أوباما والى الدول الأوربية ، لأن الدول العربية – على حد قوله – هى عبارة عن احتلال.


وتابع بقوله " انا كشخص نوبى وكعضو مجلس محلى عندما أطالب بحقى فى المجلس ، ينظرون الي نظرة دنيئة ، لأننى نوبى ولكننى مفتخر لأنى نوبى وسأظل أطالب بحقى حتى الموت "، وأضاف مجدى أنهم شعب مسالم ولن يحملوا السلاح.
انتقلنا من منطقة غرب أسوان الى منطقة الكرور حيث قال لنا عبد الناصر محمد ( 55 عاماً ) أن النوبيين الموجودين فى قرية كرور هجرواً من جزيرة فيلة حيث كانت الزراعة والصيد إلى منطقة الكرور ،وأضاف بقوله " عند التهجير وجدوا منطقة الكرور عبارة عن منطقة صخرية وزلطية ، فقمنا ببناء منازلنا ورضينا بالأمر الواقع".



وأوضح عبد الناصر أن أهم ما يميز منطقة الكرور أنها ضربت مثالاً جيداً للوحدة الوطنية لأن المسيحيين عندما دخلوا القرية تعايشنا معهم وقمنا بتعليمهم اللغة النوبية وأصبحو يشاركوننا فى الاحزان والأفراح حتى أنك تجد مركب الصيد عليها مواطن مسيحى والآخر مسلم".
من قرية الكرور الى مقام أغاخان ، وأغاخان هو زعيم الطائفة الإسماعيلية الباكستانية الشيعية ، ولد فى باكستان ، وتوفى فى مدينة بيرسوا فى سويسرات عام 1957 .

ومن باكستان جاء أغاخان الى أسوان وكان يعانى من آلام الروماتيزم التى سيطرت على جسده ، ونصحه أحد النوبيين بدفن جسده فى الرمل ، وبالفعل عندما دفن أغاخان جسده فى الرمل تعافى من آلام الروماتيزم ، وقرر أن يعيش فى أسوان بجوار النوبيين ، وأوصى بعد ذلك بدفنه فى جزيرة أغاخان وهى جزيرة على الجانب الغربى من النيل قام أغاخان بشراءها من الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر.

وعندما توفى الزعيم الشيعى فى سويسرا ، انتقل جثمانه من سويسرا الى اسوان ، واكن كانت هناك عقبة وحيدة ،وهى ان المقام لم يكن اكتمل بناءه بعد ، لذلك قام الاطباء بوضعه فى لوح زجاجى لمدة 8 اشهر ووضعوا بالقرب من كليتيه سائل يساعد على تحنيط الجثة.
أما أم حبيبة زوجة أغاخان فقد أحبها العديد من النوبيين ،وذلك لأنها كانت تقوم بالعديد من الأعمال الخيرية منها بناء المستوصفات والعطف على الفقراء, وقبل وفاتها اوصت هى الآخرى بأن تدفن بجوار زوجها.
من مقام أغاخان الى مقابر النبلاء التى تقع هى الآخرى على الجانب الغربى لنيل أسوان حيث يدفن هناك العديد من ملوك النبلاء الذين ضحوا بأرواحهم فى سبيل مصر ، وتعتبر هذه المقابر مزاراً سياحياً هاماً للعديد من الزوار الأجانب.



نعود بعد ذلك مرة آخرى إلى مشاكل النوبيين لنذهب الى مركز كوم امبو وبالتحديد فى قرية بلانة التى تسكنها أغلبية نوبية حيث قال لما الحاج صلاح بلال ( 67 عاماً ) - والذى عاصر أيام التهجير – أن النوبيين الموجودين فى قرية بلانة عانوا من التهجير مؤكداً أن الحكومة وعدتنا أننا سنترك أرضنا إلى أرض آخرى أفضل ، وسنجد البيوت جاهزة ، وسنجد المأكل والمشرب ومصادر الرزق المتعددة ، وهو ما لم نجده هنا .. فى قرية بلانة.

وأشار الى أنهم وجدوا البيوت غير صالحة للسكن لذلك قاموا ببناءها مرة آخرى ، موضحاً أن مطالبهم تتمثل فقط فى توظيف شباب القرية ، فالحكومة – على حد قوله – يأتوا بموظفين من بحرى لكى يعملوا هنا فى أسوان بالرغم من أحقية أبناء القرية بهذه الوظائف ، وقال " لو دخلت أى بين نوبى ستجد أنه من ضمن 20 شاب هناك شاب واحد فقط يعمل والباقى عاطلين".


وكان لنا ان نختم رحلتنا مع عادات النوبيين الذين هم جزء من مصر بل هم بالفعل مصريين حيث قال لنا الحاج شرف محمد من قرية بلانة أن النوبة بقراها كانت تعرف بعادتها وتقاليدها وقيمها النوبية وهذه القيم موروثة من نهر النيل العظيم ، وأضاف أن الفنان النوبى استمد فنه من النيل .
وأوضح أن الرياح كانت تأتى فى فصل الشتاء قوية كانت تكون صوتاً يسمى " النجرشات " أى اللحن السريع ، وعندما كانت الرياح تأتى على النيل بطيئة كانت تكون لحنا بطيئاً يسمى " الكومبانكش ".
وأشار الحاج شرف أن الموسيقى النوبية مختلفة عن أى موسيقى الآن لأن الموسيقى النوبية بها خمسة سلالام حيث كان هناك 7 أوتار فى الآلة ،أما باقى الموسيقى سواء الغربية أو الشرقية فلها 7 سلالم .


وتابع بقوله " نحن كنوبيين نستخدم هذان اللحنان فى أفراحنا ومناسباتنا السعيدة ،والفرح النوبى أو الرقص النوبى يتكون من دائرتين واحدة للرجال والآخرى للسيدات ، حيث يقف الفنان النوبى بجوار صف الرجال ويكون معه فرقة مكونة من 7 أشخاص يحملون الدفوف ،وكانوا يقوموا بالغناء بأغنية جماعية".
MOHEBALKHEAR
Admin




: